تُعرف سيارات Tesla بكونها من أشهر وأكثر السيارات الكهربائية رواجًا؛ إذ حصدت لقب ثاني أكبر شركة مُصنعة للسيارات الكهربائية في العالم من ناحية المبيعات، بعد مُنافِستها الصينية BYD. أعلنت شركة تسلا عن أول سيارة تتضمن القيادة الآلية في عام 2015 والتي جاءت باسم Model S. وأتت السيارة بنظامين؛ نظام تثبيت السرعة، و(Autosteer) وهي وظيفة تعمل على توسيط السيارة داخل خطوط المسار المحدد للطريق.

وبعد أقل من عام لإصدار Model S؛ وقعت حادثة مروعة في 2016 لمالك أمريكي لسيارة تسلا يدعى جوشوا براون؛ إذ فشل نظام القيادة الآلية بسيارته في اكتشاف شاحنة كبيرة قادمة من الاتجاه المعاكس وتعبر الطريق؛ ما أدى إلى اصطدام سيارة براون بالشاحنة ووفاته. وعُرِف جوشوا بهوسه بتسلا؛ إذ شارك مقطع فيديو لسيارته أثناء قيادتها الآلية على حسابه؛ وأعاد إيلون ماسك مشاركة مقطع جوشوا على صفحته!

وأكتسبت مشكلة اعتماد السائق المفرط على القيادة الآلية اهتمامًا واسعًا بعد الحادث المميث في 2016؛ والذي أدى إلى فتح تحقيق من اللجنة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة (NHTSA)؛ إذ توصلت اللجنة أن القيادة الآلية ساهمت في ما لا يقل عن 467 حادثًا! من بينهم 13 حادث تحطم مميت؛ وبالتالي أعلنت السلطات الفيدرالية عن وجود فجوة أمنية خطيرة في سيارات تسلا آلية القيادة. 

حادث جوشوا براون عام 2016

حوادث قاتلة بسبب الدعايا المضللة

في عام 2018 لقى مهندس بشركة أبل مصرعه في وادي السيلكون، عندما اصطدمت سيارته تسلا Model X بحاجز خرساني، بسبب انحراف سيارته على سرعة 120 كيلومتر في الساعة عن الطريق. وفي عام 2019 أدت القيادة الآلية إلى حادث مروع آخر؛ إذ اصطدمت سيارة Model 3 التابعة لجيرمي بانر، بمقطورة شاحنة ذات 18 عجلة؛ ما أدى إلى قطع سقف سيارة تسلا ووفاة بانر.

وفي يناير 2016؛ صرح ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا للمراسلين في مكالمة جماعية؛ بأن نظام القيادة الآلية ربما يكون أفضل من السائق البشري! ووعد بأن السيارات ستكون قادرة على القيادة بشكل أفضل بكثير من البشر في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام. ونشر ماسك على حسابه بمنصة إكس قائلًا؛ أنه في خلال عامين، سيكون من الممكن استدعاء تسلا عن بُعد من جميع أنحاء البلاد.

وادعى ماسك في منشور له؛ أن سيارة تسلا مع تشغيل القيادة الآلية؛ تُقلل من فرص وقوع الحوداث بنسبة تصل إلى 10 أضعاف، مقارنةً بالسيارة العادية. وفي عام الحوادث المروعة "2016"؛ نشرت تسلا فيديو على موقعها الإلكتروني تظهر فيه سيارة تسلا تقود بدون تدخل الشخص في مقعد السائق؛ ويستمر الفيديو لأكثر من دقيقتين ويسبقه ملاحظة تقول "الشخص في مقعد السائق، موجود فقط لأسباب قانونية".

قُدِم الفيديو كدليل في دعوى قضائية جماعية عام 2017، تزعم بأن الفيديو مُضلل واستُخدِم في الترويج للسيارة مع تجاهل مئات الحالات، التي يجب على السائق أن يتدخل فيها. وقضت تسلا بتسوية تلك الدعوى القضائية بأكثر من 5.4 مليون دولار في عام 2018.

حادث مهندس شركة أبل عام 2018

تسلا تُدان من جهة تحقيق فيدرالي

منذ عام 2016 فتحت الإدارة الوطنية لسلامة المرور (NHTSA) تحقيقًا خاصًا في 40 حادثة لسيارات تسلا، إذ يُشتبه في أن نظام القيادة الآلية كان قيد التشغيل وقت وقوع الحوادث؛ وأسفرت الحوادث وفقًا للتحقيق عن 23 حالة وفاة حتى الآن. وفي 2021 فتحت تحقيق آخر بسبب اصطدام 20 سيارة تسلا بسيارات إسعاف ثابتة! وصرحت الإدارة الوطنية لسلامة المرور، بأن تقنية تسلا "لم تضمن بشكل كافٍ الحفاظ على انتباه السائقين لمهمة القيادة؛ إذ تظل القيادة الآلية مُفعلة حتى عندما يكون السائق لا يولي اهتمامًا بالطريق". 

وكشفت تسلا أن وزارة العدل الأمريكية؛ أصدرت مذكرات استدعاء تتعلق بالقيادة الآلية ومزاياها؛ وصرحت بأنها كانت قيد التحقيق الجنائي في عام 2022. وفي فبراير عام 2023؛ استدعت الإدارة الوطنية مايقارب من 362000 سيارة؛ بسبب مخاوف من أن نظام القيادة الآلية قد يتسبب في تصرف السيارات بشكلٍ غير آمن في تقاطعات الطرق؛ ما قد يؤدي إلى وقوع حوادث. واستجابت تسلا لمخاوف NHTSA المتعلقة بالنظام؛ وعملت على تحديث نظام القيادة الآلية للسيارات المُستدعاة. 

وكررت الإدارة الوطنية لسلامة المرور في ديسمبر 2023 الاستدعاء، وذلك لما يقارب من مليوني سيارة تسلا! أي كل سيارات تسلا في الولايات المتحدة تقريبًا؛ نتيجةً لمخاوف لدى الإدارة بسبب تقارير الحوادث التي استمرت القيادة الآلية بالتسبب فيها بعد التحديث.

وبعد العديد من التقارير المُصدرة من الإدارة الوطنية لسلامة المرور؛ قررت السلطات الفيدرالية، إدانة نظام القيادة الآلية بسيارات تسلا؛ باعتباره يحتوي على ثغرات أمنية خطيرة. لم تُقدم تسلا تحديثات لنظام القيادة الآلية الخاص بها لمعالجة مخاوف السلامة المُحددة من قِبل NHTSA حتى الآن؛ إذ وقع حادث آخر في إبريل 2024؛ نتج عنه وفاة راكب دراجة نارية في مكان الحادث.

لا تزال تقنية القيادة الآلية في سيارات تسلا موضع جدل واسع، خاصةً بعد إدانة السلطات الفيدرالية الأمريكية لها. وتشير العديد من الحوادث المميتة إلى فشل النظام في ضمان سلامة السائقين والمحيطين به؛ ما يثير قلقًا كبيرًا بشأن موثوقية هذه التكنولوجيا. وعلى الرغم من الادعاءات المتكررة من قِبل إيلون ماسك، بقدرات القيادة الآلية المتطورة، فإن الواقع يُظهر عكس ذلك؛ إذ تعتمد أنظمة تسلا بشكل كبير على انتباه السائق وتدخله، ما يُشكل خطرًا جسيمًا في حال تشتت انتباهه أو شعوره بالأمان المفرط مع اعتماد هذه التكنولوجيا.